البث الحي

الاخبار : أخبار ثقافية

20190603110507afpp--afp_1h09m9.h

“المايسترو” دراما تونسية تعالج جنوح الاطفال بالفن

 تطرق مسلسل “المايسترو” خلال شهر رمضان في تونس إلى واقع مرير قلما يتم الخوض فيه يتعلق بالأطفال الجانحين داخل سجن إصلاحي، في تناول درامي فريد يراهن على الفن كبديل من السجن بصورته القاتمة.

ولقي هذا العمل الدرامي الذي بثه التلفزيون “الوطنية 1” استحسان النقاد ومتابعة واسعة، فيما أثار حفيظة البعض.

ورصد “المايسترو” عبر عشرين حلقة، وهو أوّل الأعمال الدرامية التلفزيونية للمخرج التونسي لسعد الوسلاتي، يوميات فتيان وفتيات جانحين داخل “سجن إصلاحي” يتحول الى عالم حيوي يسوده التفاؤل بفضل وجود أستاذ الموسيقى “حاتم”.

ويقول المخرج الأربعيني “هناك أسئلة حارقة وموجعة ظلت تؤرقني لسنوات: لماذا يتم تهميش الطفولة؟ ويُزج بهؤلاء القصر كمجرمين، بدل تركهم يلعبون ويحلمون؟”

ويضيف لوكالة فرانس برس “اخترت أطفالا من الشوارع ليتحدثوا بلغتهم عن معاناتهم ولنقل جزء كبير من واقع مسكوت عنه، قد يكون صادما ومقلقا ومستفزا” في تونس ما بعد ثورة 2011.

ويبرّر الوسلاتي اختياره للموسيقى كوسيلة فنية بدل “الأساليب الردعية” لتأهيل هذه الفئة الهشة، “بقوة الفن وسرعته في إحداث التغيير”.

وفي تونس خمسة “مراكز إصلاح” تضم 274 طفلا من الجنسين، تراوح أعمارهم بين 12 و17 عاما، على ما قال الناطق الرسمي لإدارة الإصلاح والسجون سفيان مزغيش.

وسبق أن نبّهت منظمات حقوقية في تونس غلى أن “السجون والمؤسسات العقابية أو الإصلاحيات لا تعتمد المعايير الدولية وتفتقر الى آليات التأهيل والتأطير وتصنيف المساجين”، ما أدّى الى انخراط بعض الأطفال الموجودين فيها “في تعاطي المخدرات والاستقطاب والتطرف” والى ارتفاع مستوى العنف.

– “بين مطرقة السلطة وسندان المجتمع” –

ويتناول سيناريو العمل الدرامي واقع أطفال داخل سجن إصلاحي يغلب عليه العنف، ويطرأ عليه تغيير جذري بمجرد اتخاذ قرار بإنشاء ناد للموسيقى فيه.

ويقول الوسلاتي “حاولت أن أكون صوتهم كي لا يتحولوا إلى مجرد أرقام، في حين أن لكل منهم حكاية مدفوعة بعوامل خارجة عن إرادتهم”.

والمسلسل مستوحى من تجربة شخصية للفنان التونسي رياض الفهري قبل 26 عاما داخل سجن إصلاحي في تونس.

فقد تنقل الموسيقي رياض الفهري آنذاك بين مراكز إصلاح وتأهيل في تونس وعلّم خلالها أطفالا الموسيقى. وقدّم في كانون الأول/ديسمبر1993 عرضا فنيا ضخما في تونس بمشاركة أطفال الإصلاحيات أفضى إلى فوز تونس بالجائزة العالمية لحقوق الطفل.

وتشكل شخصية “حاتم” التي يجسدها الممثل التونسي أحمد الحفيان، محورا تدور حوله باقي الشخصيات، ومن خلاله يكشف المخرج قصصا مؤلمة لفتيان وفتيات رمت بهم ظروف اجتماعية وعائلية قاسية الى عالم الجريمة والسرقة والمخدرات والجنس والهجرة غير القانونية بالرغم من حداثة سنهم.

ويقول لسعد الوسلاتي”إنني أدقّ ناقوس الخطر حول مآل السجناء القصر المنحصر بين مطرقة السلطة الزجرية وسندان نظرة المجتمع الإقصائية بهدف فتح نقاش واسع من أجل مستقبل أفضل لجيل الغد”.

وبعد ثماني سنوات من ثورة 2011، لا يزال التونسيون يواجهون مشاكل البطالة والفقر وغلاء المعيشة التي تجعل حياتهم اليومية أكثر صعوبة يوما بعد يوم مع تنامي ظواهر سلبية في المجتمع كالعنف والانتحار.

وجاء في تقرير للمعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية الخاص في تشرين الثاني/نوفمبر 2018 أن “تونس تحتل المرتبة العاشرة عربيا في مؤشر الجريمة في 2017 وأن 73 % من المتهمين تراوح أعمارهم بين 15 و17 عاما”.

وتتخلل المسلسل مشاهد صادمة وعنيفة داخل المؤسسة العقابية حيث تدور غالبية أحداث العمل، ويبرز فيها المخرج ما يتعرض له الأطفال من سوء معاملة تصل الى حد العزل والحرمان من النوم وزيارة الأهل ومحاولات الاغتصاب من جانب حراس.

كذلك، يبدو السجن الإصلاحي فضاء ملائما للاستقطاب الديني المتشدد، إذ يتطرق الى محاولات استدراج متكررة للأطفال وإقناعهم من جانب أحد المسجونين معهم بالتخلي عن نادي الموسيقى والالتزام بالأفكار المتشددة دينيا.

– الفن طوق نجاة –

ويسعى العمل الدرامي الى كشف “فشل” النظام في البلاد في إصلاح وتأهيل هذه الفئة الهشة من المجتمع. ففي أحد المشاهد يعترف مدير السجن الذي يجسد دوره الفنان التونسي فتحي الهداوي، بالقول “كلنا أبناء نظام فاسد لا يريد التغيير. درّسونا القوانين ولم يعلمونا كيفية ولوج قلوب الأطفال. ما أنجزه أستاذ الموسيقى في شهر لم أتكمن من إنجازه طيلة ثلاثين عاما من العمل”.

وتلعب الإضاءة وطريقة التصوير دورا مهما في الفصل بين علاقة السجان بالأطفال من جهة وعلاقتهم مع أستاذ الموسيقى.

فقد غلبت الإضاءة الساطعة على المشاهد التي صورت داخل نادي الموسيقى في السجن، فكشفت تفاصيل الديكور الدقيقة وتقاسيم وجوه الشخصيات، بينما طغى الظلام على باقي المشاهد التي يظهر فيها الأطفال مع السجانين.

ويوضح مدير إدارة الإنتاج بالتلفزة الوطنية التونسية إيهاب الشاوش لوكالة فرانس برس “اختير هذا العمل الدرامي خلال رمضان 2019 لأنه يعالج مشاكل اجتماعية راهنة ويتماشى وأهداف المرفق العمومي، مرآة المجتمع” في تونس التي تشهد مخاضا.

وأنتج أكثر من مسلسل تونسي بمناسبة شهر رمضان هذه السنة وتبلغ كلفة الواحد منها كمعدل وسطي، بحسب الشاوش، “مليون دينار تونسي” (360 ألف دولار).

وانتقد الناطق الرسمي باسم السجون والإصلاح جوانب من المسلسل، معتبرا أنه “جانب الحقيقة” في تناوله لبعض المواضيع.

وأضاف “نحن لا نستعمل العنف ولا العصي للضرب ولا نلجأ للعقوبات الشديدة كالعزل التي أظهرها المسلسل”.

ويقول الناقد السينمائي خميس الخياطي إن المسلسل كان بمثابة دعوة “لإرجاع الشباب الى السلوك المستقيم من خلال الفن”، مضيفا لوكالة فرانس برس “يمكن أن يشكل الفن طوق نجاة في مواجهة من يدعي بأن الفن حرام”.

(أ ف ب)

20190603110115afpp--afp_1h09mc.h 20190603110115afpp--afp_1h09md.h 20190603110507afpp--afp_1h09ma.h

بقية الأخبار

ذبذبات البث

frequence FM

الإنتخابات التشريعية

baramej

شبكة خريف شتاء

baramej

الأخبار المسجلة

ak

rd

rg

blagat

خدمات

job

النشرة الجوية

meteo1

مدونة سلوك

الميثاق التحريري