البث الحي

الاخبار : أخبار وطنيّة

tunisair-180915-1

هجرة الكفاءات العلمية من تونس … نزيف متواصل

  »غادرت تونس لأنني اضطررت إلى المغادرة لا اكره بلدي ولكني أكره الظلم ».. نبرة الاستياء والتشاؤم التي تحدثت بها الدكتورة مها عبد الحميد التي غادرت تونس باتجاه فرنسا لمواصلة الدراسة في مرحلة أولى قبل العودة إلى تونس والاصطدام بواقع مرير فرض عليها العودة من جديد إلى مدينة الأنوار.

مها عبد الحميد الأستاذة الجامعية التي خيرت الهجرة خارج تونس كغيرها من آلاف التونسيين من الكفاءات العلمية بحثا عن موطئ قدم في المهجر لعدة أسباب من أبرزها تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولإثبات أحقيتهم في العمل.

« فضلت الهجرة لمحاربة الظلم » قالت إنها لم تلق آذانا صاغية عند عودتها حاملة معها أفكار مشاريع وبرامج عمل وطموحات كبيرة فضلا عن شهادة الدكتوراه التي ضحت من اجلها لسنوات وفضلت إفادة الأجيال القادمة بعلمها وخبرتها لكنها جوبهت بالتجاهل و »بالحقرة ».

أحلام الطفولة بنيل شرف التدريس بالجامعة التونسية ومواصلة البحث في بلدها لم تستطع تحقيق ولو جزء منه بعد أن أغلقت أمامها ا أبواب الأمل والكرامة واثبات الذات والحفاظ على هويتها , ولم يعد أمامها الكثير من الخيارات , إما البطالة أو الهجرة خارج البلاد , فخيرت الهجرة لمحاربة الظلم بمزيد التسلح بالعلم , والإقصاء بإثبات الوجود والعمل على تجاوز كل العقبات.

توسع الفجوة بين الدول المتجاهلة لكفاءاتها  والدول المستقطبة : 

ظاهرة هجرة الكفاءات العلمية التونسية باتت تؤرق السياسيين والمسؤولين إذ لا يختلف اثنان في أن هجرة الكفاءات والعقول تساهم في التقدم الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي للدول المستقطبة وزيادة حركية التنمية وهو ما سبب توسعا في الفجوة بين البلدان المتجاهلة لتلك الكفاءات والبلدان المتقدمة و المستقطبة , خاصة وأن تونس تحتل المرتبة الثانية عربيا على مستوى هجرة الكفاءات بعد سوريا وفق تقرير عربي صدر سنة 2009.

وتشير آخر الإحصائيات إلى أن 94 ألف كفاءة جامعية وعلمية غادروا تونس خلال الثلاث سنوات الأخيرة . وكشفت الدراسة التي أعدتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أن هذا العدد من المهاجرين من الكفاءات العلمية أو ما يعبر عنه « بهجرة الأدمغة » يمثل 8.9% من مجموع السكان التونسيين المقيمين,  كما أن التركيبة السكانية للتونسيين المقيمين بالخارج يغلب عليها كثرة الشبان المتعلمين والمتحصلين على شهائد جامعية شاملة لعدة اختصاصات , فضلا على أن هذه التحولات رافقها ارتفاع في عدد رجال الأعمال والباحثين والكفاءات العلمية.

وحسب نفس المصدر فانه تم تسجيل تحولات نوعية وكمية لتوجه المهاجرين التونسيين في السنوات الأخيرة وذلك من أوروبا الغربية التي كانت تستأثر بنحو 84 بالمائة من نسبة المهاجرين التونسيين إلى دول الخليج العربي وكندا والولايات المتحدة الأمريكية.

دولة لا تحترم طاقاتها:

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية اعتبر أن الإجراءات التي قامت بها الدولة التونسية ساهمت في تطور ظاهرة الهجرة النظامية من خلال غلق باب الانتدابات في عدة اختصاصات أمام خريجي الجامعات للسنة الثالثة على التوالي, كما أن المناخ السياسي في البلاد وضعف الخدمات المقدمة كالنقل والصحة والتعليم والبنية التحتية دفع هؤلاء إلى البحث عن خيار أفضل في دول أخرى , إضافة إلى أن نظام التأجير في تونس مقارنة بالدول الأوروبية أو دول الخليج لا يستجيب إلى تطلعات أصحاب الشهائد العليا والكفاءات العلمية من الناحية الاقتصادية والاجتماعية.

حالة الإحباط واليأس التي سادت الالنخب العلمية وعدم الاستقرار السياسي وانسداد الأفق وطول الانتظار لبناء مستقبل أفضل أسباب مجتمعة ساهمت في تنامي الرغبة بالإقلاع نحو « المدن والدول الفاضلة »  على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وحتى على مستوى الحقوق والحريات الفردية الأخرى وضمان مستقبل أفضل , على الرغم من الوعود التي قطعتها ثورة « الحرية والكرامة » لشبابها سنة 2011.

المكلف بالإعلام في المنتدى رمضان بن عمر أوضح أن هجرة الأدمغة لها انعكاسات سلبية على تونس في كل المجالات مشيرا إلى أن الجامعة التونسية اليوم تعانى من نقص في عدد الأساتذة المؤطرين الأمر الذي تسبب في معاناة الطلبة المقبلين على رسائل ختم الدروس الجامعية إضافة إلى ضعف التأطير في المجال الطبي بسبب النقص الفادح في الأطباء الجامعيين المختصين , مما انعكس سلبا على الخدمات الصحية في المؤسسات الاستشفائية .وسينتج عن ذلك تراجع التصنيف الإفريقي والدولي على حد السواء للجامعة التونسية.

عضو المنتدى قال إن عملية إفراغ الدولة من كفاءاتها وطاقاتها الشابة القادرة على إعطاء نفس جديد , له عواقب وخيمة على الاقتصاد التونسي وعلى المجموعة الوطنية التي لم تستطيع الاستفادة من خدمات شبابها ,المحبط والمكبل بقيود البيروقراطية الإدارية وتراجع مكانة العلم والمعرفة , أمام خيار الإقصاء في بلد حضرت فيه الحرية وغابت فيه مقومات النجاح.

هذه الهجرة لئن تعددت أسبابها ودوافعها فان نتائجها تنبئ بخطر محدق على اعتبار أن تونس البلد الذي راهن على عقول أبنائه منذ الاستقلال فرط فيهم اليوم ليحصد تراجعا مخيفا في جميع المجالات الأمر الذي يتطلب وقفة حازمة وجدية.

تقرير محمد علي عكاشة

بقية الأخبار

ذبذبات البث

frequence FM

الإنتخابات التشريعية

baramej

شبكة خريف شتاء

baramej

الأخبار المسجلة

ak

rd

rg

blagat

خدمات

job

النشرة الجوية

meteo1

مدونة سلوك

الميثاق التحريري