الأستاذة البريطانية "جيليان لايثي" : الترجمة تفتح أمام الطفل أفقا إنسانيا لا حدود له

قدّمت الأستاذة "جيليان لايثي" من جامعة روهمبتون بلندن، مداخلة أبرزت فيها الدور المحوري للترجمة في تنمية قدرات الطفل المعرفية والعاطفية، وذلك في إطار الندوة الدولية "الترجمة وبناء الطفولة" التي ينظمها معهد تونس للترجمة على مدى يومين (30 سبتمبر و1 أكتوبر 2025).
واستهلت لايثي حديثها باستعادة خبرتها كمعلمة لأطفال تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسابعة في شمال لندن، حيث اعتادت قراءة قصص مترجمة من حكايات الأخوين "غريم وشارل بيرو" إلى رواية "إميل والمحققون" للألماني "إريش كاستنر". وأوضحت أن المترجم يضطلع بدور الوسيط الذي يفسر العوالم الثقافية المختلفة للأطفال، تماما كما كانت تفعل مع تلاميذها.
وأكدت أن الترجمة الموجهة للأطفال ترتبط بتطورهم النفسي والمعرفي، مبينة أن المترجم يواجه تحديات كبرى أبرزها ملاءمة النصوص لمستويات القراءة المتفاوتة، والموازنة بين الاحتفاظ بالخصوصيات الثقافية أو تكييفها وأهمية الوساطة التي يقوم بها الراشدون عند قراءة النصوص.
وارتكزت مداخلة لايثي على أربعة محاور أساسية شدّدت خلالها على أنه يتعين على المترجم مراعاتها عند نقل نصوص الأطفال. ويتمثل المحور الأول في "تطور الطفل كقارئ"، إذ لاحظت أن الإيقاع والنغم والصوتيات أساسية لجذب انتباه الصغار قبل أن يتمكنوا من القراءة بأنفسهم.
أما المحور الثاني فيكمن في "معرفة الطفل بثقافات أخرى"، حيث ترى الكاتبة والمترجمة البريطانية أن المترجم يواجه هنا معضلة "التدجين" أو "التغريب"، مشيرة إلى أن القصد من ذلك هو الإجابة عن سؤال : هل يغيّر المترجم أسماء الشخصيات والأطعمة والعادات أم يحافظ عليها كما هي؟
كما تحدثت في محور عن ثالث عن وساطة الكبار، ملاحظة أن الأهل والمعلمين غالبا ما يقرؤون النصوص للأطفال، وهو ما يفرض على المترجم التفكير في كيفية تسهيل الوساطة دون إثقال النص بالهوامش أو الشروح، وفق تقديرها. أما المحور الرابع، فيتمثل في "تفاوت حضور الترجمة بين الثقافات". وقد أبرزت في هذا الجانب أن "في بريطانيا مثلا لا تتجاوز نسبة الكتب المترجمة 3% من مجمل الإصدارات الموجهة للأطفال في حين تصل في فنلندا إلى 80%".
وختمت "لايثي" مداخلتها بالاستشهاد بالكاتبة السويدية الشهيرة "أستريد ليندغرين" (1907-2002) التي أكدت قدرة الأطفال على إعادة عيش أكثر العوالم غرابة إذا ساعدهم مترجم بارع، معتبرة أن الترجمة تظل أداة أساسية لتغذية خيال الأطفال وانفتاحهم على العالم.