مدنين : اعلان ترميم قصر مدنين بعد صدور قرار بشانه كبناية ايلة للسقوط تستوجب الاخلاء

سيشهد المعلم التاريخي قصر مدنين، الذي صدر بشانه قرار قضائي كبناية ايلة للسقوط، تدخلا من المعهد الوطني للتراث بترميمه خلال السنة المقبلة باعتمادات مرصودة قدرها 400 الف دينار، ستنطلق بالاجزاء الاكثر تداعيا للسقوط، وفق الباحث بالمعهد علي المنصوري.

كما اقرت بلدية مدنين رصد اعتماد قدره 300 الف دينار ضمن ميزانيتها لسنة 2026 لمعاضدة مجهودات ترميم وحماية قصر مدنين، وقد قامت البلدية في انتظار تنفيذ تدخلات الترميم بتركيز حواجز حول المعلم واخلته ومنعت ربوض السيارات حوله، وذلك على اثر تقرير نهائي لخبير عدلي اعتبره من البنايات المتداعية للسقوط.

واكد المكلف بالكتابة العامة وبتسيير الشؤون العادية لبلدية مدنين نبيل الوصيف، ان هذه القرارات وقائية لحماية التجار المستغلين لبعض فضاءاته وللمارة والمترجلين وللمتلكات وحماية للمعلم، دون ان يكون للبلدية اية نية او توجه لهدمه مشددا على ان قرار الاخلاء يبقى وقتيا الى حين الانتهاء من عملية الترميم.

وشدد على ان البلدية تحافظ على التراث ومنها بالخصوص المعالم الاثرية داخل المدينة كجزء من الهوية والتاريخ على غرار هذا المعلم الذي يبقى احد رموز مدينة مدنين، مبينا انه سيستانف نشاطه بعد الترميم وزوال الخطر، وسيثمن سياحيا واقتصاديا من خلال بيع منتوجات الصناعات التقليدية واحتضانه لانشطة ثقافية .

وفي اطار متابعة الاجراءات المتعلقة بتوفير ظروف السلامة بمحيط القصر، ادى والي مدني وليد الطبوبي زيارة صباح اليوم الى قصر مدنين دعا خلالها كل الاطراف الى الاسراع في تنفيذ اعمال الترميم ليستعيد المعلم حياته ورونقه كمعلم تاريخي سياحي واقتصادي.

ويمثل قصر مدنين الذي يتوسط المدينة جزء من مجموعة من القصور التي عرفت بها مدنين كمدينة للقصور بعدد 35 قصرا بها 6200 غرفة وتتميز قصور مدنين بتجمعها فهي ليست متفرقة على غرار مدن اخرى، وفق استاذ التاريخ والمختص في التاريخ المعاصرفيصل جميل .

واضاف ان قصور مدنين تعود تاريخيا الى 4 او 5 قرون وكانت بمثابة اول نظام بنكي في تونس وفي شمال افريقيا لاعتبار ان غرفها ليست للسكنى بل لخزن المؤونة وممتلكات اهالي عرفوا بالترحال لذلك فالقصر يؤمن كل ممتلكاتهم طيلة السنة وفق نظام متكامل يتوفر بالقصر لافتا الى دورها كشريان اقتصادي.

وذكر جميل ان القصور شهدت في الفترة الاستعمارية، اهتماما وشيدت حولها وعلى ضفافها البناءات دون هدمها، باستثناء هدم بعض الغرف لتوسعة مبنى السوق ولم تشهد القصور حملة للاطاحة الا بعد الاستقلال حيث لم يتبق سوى 3 قصور من جملة 35 قصرا وحالة المتبقية منها كارثية لن تقوى على البقاء والتحمل اكثر من سنتين او ثلاث سنوات لعدم الاعتناء بها ولعوامل طبيعية ومناخية.

ودعا جميل الى تدخل عاجل لحماية القصر والاسراع في التحرك بالترميم حتى لا ينهار القصر مع تثمينه ودمجه مع محيطه وان يصبح محطة سياحية مع تشجيع الحرفيين على العودة اليه ووضع خطة لاعادة ادماجه في الحياة الاقتصادية وتنشيطه حتى يبقى شاهدا على تاريخ وماض عريق.

واعتبر الناشط المدني والمختص في ترميم الاثار منير القمودي انّ ما يعيشه القصر من تداعي للسقوط ومن وضعية اشبه بالخراب، جاء نتيجة للتهاون في القيام بالتدخلات المتعلقة بالترميم في اجالها رغم رصد اعتمادات سابقة وتوجيه المجتمع المدني عدة مراسلات على المستوى المحلي والجهوي والمركزي للتدخل في القصر من اجل حمايته مطالبا بتكاتف الجهود لاعادة الحياة الى القصور.

يذكر ان قصر مدنين الذي يتوسط المدينة مر بعدة مراحل عرف معها انتعاشة وازمات متتالية وفق شهادات بعض التجار المنتصبين به ومنهم الهادي الجرو التاجر بالقصر منذ 1974 الذي شدد على التمسك بالقصر رغم كل ما يعانيه من تداعي ومن ركود للنشاط قائلا "هو جزء منا" ، واشار الى ان الاغلبية هجرت القصر لكن ما زال عدد من التجار متمسكين به يحمونه ويحرسونه من كل وافد ومن خطر متسللين يستغلونه وكرا للفساد.